04‏/04‏/2012

حبيبي ليس ملاكا



اعتدت أن ابدأ عناوين مقالاتي بكلمة ( زوجي ) لكن هذا المقال بالذات أحب أن أبدأ عنوانه بكلمة حبيبي و قبل أن أبين أسبابي سأعرض لكم تعليقين تلقيتهما من قارئ و قارئة.
 أبدأ بالقارئ الذي علق قائلا : “مع كل الاحترام لزوجك الكريم واحترامك فالرجل الذي ينتظر مرتب زوجته هو رجل ليس بذي خلق ولا يجب مقارنة زوجك بيه ،  والمساعد لزوجته في طموحها العلمي هو زوج عادى ولا اعتبرها ميزة ، لا يجب مقارنة العادي بالسيئ ليصبح جيد وإلا اعتبر السيئ هو الطبيعي و أصبح من المتوقع أن نجد لكي مقالا باسم ( زوجي لا يتعاط مخدرات)”
 و القارئة الأخرى تكرمت و قالت ” عرفنا إنك متجوزة ملاك راكن جناحاته على باب العمارة، اكتبي في موضوع تاني علشان نقدر نعلق”
 صدمتني كلمات القارئة و حيرني منطق القارئ. فليس الانطباع الذي سعيت لتركه لدى الجميع أن زوجي ملاكا أو بشرا كاملا، فالكمال لله وحده أولا و أخيرا. كما أني شخصيا لست بكاملة بل على العكس لدي من العيوب الكثير.
لهذا بدأت عنوان مقالي بكلمة ( حبيبي ) و ليس ( زوجي ) لأن أساس أي علاقة زوجية بالتأكيد مشاعر جميلة و عواطف جياشة تتراوح بين المودة و العشرة و الألفة لتصل لحب و غرام في منتهى الروعة. و إلا فكيف أثمرت هذه الزيجات عن أولاد و بنات ما أتوا إلا في لحظات صفاء و مودة بين الزوجين.
 هذه المشاعر الجميلة التي جمعتني بزوجي الحمد لله و التي جمعت كل الأزواج في بعض أو كل حياتهم الزوجية جديرة بالحفاظ عليها مما نواجهه في حياتنا من مشاكل ، روتين ، ملل أو أي مستجدات سلبية تجعل نار الحب تخبو و هذه المشاعر تعتبر مسلمات مفروغ منها. فيتسلل الملل و نفاذ الصبر و تصيد الأخطاء من كلا الطرفين ويبدأ كل طرف باتهام الآخر بالتقصير لتبدأ حلقة مفرغة لا نهاية لها عن من المسئول لما وصلت إليه الحياة الزوجية و من المسئول عن الإصلاح و من عليه البدء و المبادرة بالخطوة الأولى ليصل بالحياة لبر السلام و يحافظ على السلام النفسي للأطفال ثمرة هذا الزواج.
 أليس من المنطقي لينجو كل إنسان بسفينته أن يبحث عن الجميل في حياته و المميزات التي يراها في شريكه حتى يجد حافزا ليعيش في سعادة و رضا؟ وما السبيل لإبراز المزايا إلا بملاحظة المساوئ المحيطة بنا لنشعر بالنعم التي نملكها، ببساطة إتباع المبدأ الشهير ( النظر للنصف الممتلئ من الكوب ).
  أليس الرضا لمن يرضى؟ ومن أين يأتي الرضا إلا باستشعار قيمة ما نملك و إعمال العقل فيما نملكه ولا يملكه الآخرين ببساطة، دون الحاجة لفلسفة و تعقيد إن كان ما نملكه شيء عادي أو شيء مميز. يكفي أن يكون شيء ايجابي يبعث علينا السعادة و الهدوء. حتى و إن كانت الإيجابية في عدم وجود السلبيات. فإن كان مما سيزيد حب و احترام و تقدير زوجي بداخلي أنه لا يتعاط المخدرات أو أنه لا يخونني، فما الضرر من ذلك؟ أليس بالفعل هناك أزواج يتركون بيوتهم و يسهروا سهرات محرمة مع أصدقاء سوء؟ و إن كان زوجي يصون بيته و صحته و ماله لأجل بيته، ألا يجعله هذا محل تقدير بالنسبة لي و يعطيه ميزة تزيد من احترامي و تقديري له؟ لا أقصد بالطبع اعتبار هذا المثال هو الطبيعي أوالعادي المنتشر بين الأزواج ولكن الاعتراف بأنه يحدث لأخريات ولا يحدث لي أو لكي فهي ناحية ايجابية يجب أن نقدرها و لا نعتبرها مسلم بها.
 ولتكون المنفعة أعم و أشمل فليس بالضرورة أن تكون سفينتنا هي الحياة الزوجية في حد ذاتها فمن الممكن إتباع نفس الأسلوب بالنسبة لعملنا، لأولادنا، لأصدقائنا و حتى ما نملك من أشياء سيارة، منزل أو حتى أجهزتنا المنزلية. لكل شيء من حياتنا مزايا و عيوب و دائما علينا البدء بالتركيز على المزايا لجلب السعادة مما يزيد من قدرتنا على احتمال العيوب طالما أنها عيوب ثانوية يمكن تجاهلها أو التعايش معها.
 أسعدكم الله جميعا و رضاكم بأنفسكم و أزواجكم ( أو زوجاتكم ) و حياتكم كلها و رضي عنكم.

0 التعليقات: